أَيَحْسَبُے الْإِنْسَانُے أَنْ يُتْرَكَے سُدًىے ...

أيها الضال عن طريق الهدى ,
أما تسمع صوت الحادي وقد حدا ,
من لك إذا ظهر الجزاء وبدا , وربما كان فيه أن تشقى أبدا



يا من تكتب لحظاته , وتجمع لفظاته ,
وتعلم عزماته , وتحسب عليه حركاته إن راح أو غدا


ويحك إن الرقيب حاضر ,
يرعى عليك اللسان والناظر ,
وهو إلى جميع أفعالك ناظر ,
إنما الدنيا مراحل إلى المقابر ,
وسينقضي هذا المدى



مالي أراك في الذنوب تعجل ,
وإذا زجرت عنها لا تقبل ,
ويحك انتبه لقبح ما تفعل لأن الأيام
في الآجال تعمل مثل عمل المدى


سترحل عن دنياك فقيرا ,
لا تملك مما جمعت نقيرا ,
بلى قد صرت بالذنوب عقيرا بعد
أن رداك التلف رداء الردى

كأنك بالموت قد قطع وبت ,
وبدد الشمل المجتمع وأشت ,
وأثر فيك الندم حينئذ وفت ,
انتبه لنفسك أشمتَّ والله العدا


كأنك ببساط العمر قد انطوى ,
وبعود الصحة قد ذوى ,
وبسلك الإمهال قد قطع فهوى ,
اسمع يا من قتله الهوى وما ودى


تالله ما تقال وما تعذر ,
فإن كنت عاقلا فانتبه واحذر ,
كم وعظك أخذ غيرك وكم أعذر ,
ومن أنذر قبل مجيئه فما اعتدى

فبادر نفسك واحذر قبل الفوت ,
وأصخ للزواجر فقد رفعت الصوت ,
وتنبه فطال ما قد سهوت ,
اعلم قطعا ويقينا أن الموت لا يقبل الفدا

انهض إلى التقوى بقريحة وابك الذنوب بعين قريحة ,
وأزعج للجد أعضاءك المستريحة ,
تالله لئن لم تقبل هذه النصيحة لتندمن غدا

نسأل الله أن يصلحنا على مافيه رضاه أجمعين


نفعنا الله وإياكم بهـذا